أنت تقرأ هذه المقالة وهذا أقل ما يعنيه أنك تحيا بروح الله في خلقه، وتلك روح الحياة التي قال الله عنها في الإنسان الأول آدم عليه السلام: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾ [الحجر:29] فهذه هي الروح التي نحيا بها.
وحتى حين انتقل نظام الخلق إلى الماء المهين؛ أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الملائكة تأتي وتنفخ الروح في الجنين ليحيا بها! فهذه روح الحياة التي تنفخ في ذرية آدم وهم أجنة! فكل حي فهو ببقاء هذه الروح فيه!
لكني أدعوك لتحتفظ بهذه النتيجة القرآنية في نظام الخلق، لأنقلك إلى روح أخرى تتردد في الوحي لكنها لا تُنفخ فينا؛ بل نزلت من الله تعالى فقال عنها: ﴿وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا﴾ [الشورى:52]، فعلمنا بذلك أن الوحي روح أخرى.
فإن كانت الأولى روح الخلق، فهذه روح الأمر! ثم إن الوحي يدعونا أن لا نفرق بين الخلق والأمر من حيث مصدرهما؛ قال تعالى ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ [الأعراف:54]، فمن آمن بالخلق عليه أن يؤمن بالأمر؛ فحتى آدم عليه السلام كان مفتقرًا إلى روح الأمر مع أنّ الله خلقه بيده سبحانه.
وهنا نصل إلى نتيجة ثالثة مهمة وهي: أن بني آدم مفتقرون بداهة إلى روح الأمر كما أنهم يتمتعون بروح الخلق!
وأتمنى أن تحتفظ بهذه النتائج إلى أن تعرف أن روح الأمر هذه أخبرنا الله تعالى أنّها نَزَلت من عنده باللغة العربية فقال ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ﴾ [الشعراء:195]؛ وعليه: فمن حَفظ كلام الله تعالى أو تلاه، وصحبه وأنِسَ به، وتردد بين جوانحه، فقد أحلّ روح الأمر في جوفه! وهذه نتيجة مهمة أيضًا.
ويمكننا أن نستثمر كافة ما سبق بأن نقول لكل والدٍ ووالدةٍ، وكل مربٍ ومربيةٍ: إن أردتم أن تَحِل روح الأمر في أولادكم فعليكم باللغة العربية؛ حفظوهم نصوصها وأول نصوصها القرآن الكريم، والوحي الآخر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رووهم عيون الشعر العربي وآدابه لأن العربية روح!
إنك مالم تَدِبّ العربية بين جوانحك فأنت تحيا حياة ناقصة، وتسير بروح واحدة!! بل إن الوحي يرسم لنا تلك الصورة بعبارة أشد وضوحًا من الشمس في رابعة النهار واقرأ إن شئت قوله تعالى: ﴿أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ﴾ [الأنعام:122].
ولعلنا نلتمس من مفردة الروح في القرآن الكريم نتيجة أخرى مهمة للوالدين والتربويين كذلك؛ وهي: إن كان يهمكم أن تكون الملائكة لا الشياطين هي من يحوم حول أولادكم والمرتبين لديكم؛ فعليكم بتاج العربية القرآن، وصحيح أوراد سنة النبي العدنان، فقد أخبرنا الوحي أنّ الوحي تصحبه الملائكة في نصوص كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ" رواه مسلم! ولا غرو فالقرآن الكريم كان بمعية رسول الله من السماء إلى الأرض جبريل حتى سماه الله الروح الأمين فقال: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾[الشعراء:193].
ولهذا وذاك: يمكننا أن نعلنها بدون تردد في آذان المربين أحيوا أولادكم بالعربية؛ فهم أموات بدونها غير أحياء.. والله أعلم
留言