العلوم الإنسانية أو العلوم الاجتماعية إذا تجاوزنا حدود التداخل بين المفهومين باعتبارنا نقصد تلك العلوم الساعية إلى الإحاطة الممكنة بالإنسان وبالنشاط الإنساني وقضاياه النفسية والاجتماعية والاقتصادية .... الخ. فهي إذا تلك العلوم المقابلة للعلوم التطبيقية كالهندسة والفيزياء و...الخ.
وفي الحقيقة هي علوم حيوية ذات أثر عميق ومباشر في حياة الإنسان عمومًا وفي إنسان العصر بصورة أشد وضوحًا، وكثيرًا ما يتم التأريخ لشدة العناية بها بما بعد الثورة الصناعية ولفظ أوروبا للاهوت الكنسي ولهذا يقول محمد بلفقيه: "بعد إقصاء اللاهوت الكنسي في مرحلة سابقة والاستغناء عن قيمه، جاءت العلوم الاجتماعية لتحل محل الدين في توجيه المجتمع وحل مشاكله الجديدة. فقضيتها الأولى إذا هي إعادة بناء الفرد والتحكم في المجتمع... وسواء أسميناها علومًا إنسانية أو علومًا اجتماعية...فإن هذه العلوم رغم تعدد شعاراتها العلمية وتنوع مدارسها واختلاف مرجعياتها الفلسفية والإيدلوجية، تظل تدور حول فكرة مركزية واحدة؛ التحكم الاجتماعي([i]).
غير أن السؤال المركزي الذي ظلت هذه العلوم تعاني من تجاذبات إجاباته في بيئاتنا العلمية العربية والإسلامية؛ هو أننا بعد أن كنا روّادًا في شتى صنوف المعرفة دهمنا غياب لم نستفق منه إلا وقد أسس الآخر هذه العلوم على نحو جعلنا مضطرين للتتلمذ على على مخرجاته وما تلفظه إلينا دوائره العلمية منها، ولهذا ندرس تفاصيل تلك العلوم بلغتها الأصيلية أو مترجمة في كافة جامعاتنا في العالم العربي والإسلامي، وبالتالي كان السؤال المشروع هنا ما موقفنا من كل ذلك: هل نكتفي بالنقل والتتلمذ؟ أو نرفض كل ذلك النتاج؟ أو نشتغل بالتأصيل والأسلمة؟ والتي لا تزيد في بعض صورها على وضع الدليل الشرعي على الموقف الغربي! أم المطلوب شيئًا آخر غير كل تلك الإجابات المتعارضة!
وكان من الأجوبة الرائعة في هذا جواب الراحل عبد الوهاب المسيري -رحمه الله-: أن "النسق الحضاري للمسلمين مطالب بالانفتاح على العالم بمختلف تجاربه ورؤاه، وليس على العالم الغربي فحسب، يمكن أن يسعفنا في أن نستوعب وندرك ونرى الحقيقة الإنسانية في غناها وتعددها، هكذا يبدو الغرب نسبيًا، وليس مطلقًا نتعلم منه ونتفاعل معه بإرادتنا وبكامل وعينا وخصوصيتنا!"([ii]).
ولئن كان ذلك جوابًا عامًا إلا أن المسيري كان له جواب أكثر تفصيلاً حيث يقول: ينبغي أن (ننظر للظاهرة ذاتها، سواء في بلادنا أو بلادهم، وندرس المصطلح الغربي في سياقه الأصلي دراسة جيدة، ونعرف مدلولاته حق المعرفة، ثم نحاول توليد مصطلحات من داخل المعجم العربي. والمصطلح الذي سنأتي به سوف لا يكون ترجمة حرفية للكلمة الأصلية، ولكنه مع هذا وبسبب هذا يظل تسميةً للظاهرة من وجهة نظرنا، متجاوزين بذلك تسميات (الآخر) وادعاءاته وأوهامه وحدود رؤيته، وهذا لا يعني بالضرورة: انغلاقًا على الذّات، وإنما يعني: انفتاحًا حقيقيًا على الآخر بدلاً من الخضوع له تمامًا أو رفضه تمامًا.
فالانفتاح الحقيقي: هو عملية تفاعل مع (الآخر)، نأخذ منه (ونعطيه)، ونبدع من خلال معجمنا)([iii]).
أهمية أيجاد العلاقة وردم الهوة بين العلوم:
إن الوحي نزل ليقود حياة الناس ويصلح معاشهم ولهذا يمكننا الإشارة إلى سببين يجعلان البحث في هذه العلاقة ضروريًا:
الأول: تعالي الوحي كنص كلي قابل للانفتاح عليه، وفي قريب من هذا يقول بلعقوز: "ولما كان الوحي معطى متعاليًا؛ فإن ممكنات الانفتاح عليه والاعتراف به تبدو مشروعة، وبهذه الخطوة المنهجية يمكن للوحي أن يستعيد مناهج العلوم ونتائجها، ضمن خريطة النموذج المعرفي الأكبر، من غير استحواذ تحكمي عليها، مع الإبقاء على حركتها الباحثة عن البناء الذي يشكل عمارة الوجود، وبهذا الإجراء المنهجي أيضًا نخرج من دائرة الانفصال المعرفي والاختزال المنهجي، إلى دائرة التركيب كرؤية منهجية تؤلف بين المبادئ المتعارضة، وتلك هي المهمة المقدرة على روح التكامل بين علوم الوحي والعلوم الإنسانية([iv]).
السبب الثاني: أن الوحي جاء ليقود حياة الإنسان، إذ مجال العمل به وتطبيقه إنما هو حياة الإنسان الاجتماعية؛ فهو ليس نصًا عقائديا تصوريًا فحسب بل هو إلى ذلك نص عملي يفعّل الإنسان ويتفاعل مع حياته الاجتماعية في كافة تفاصيلها، ولهذا غدت العلاقة بين الوحي والحياة الاجتماعية في كتابات بعض النقاد؛ إنما هي علاقة بين آيتين (آية متلوة، وآية مشاهدة) وبهذا أيضًا يكون المصدر واحدًا فهذا خلق الله سبحانه وهذا أمره، فتنتقل الصلة من كونها شأنًا ممكنًا نظريًا إلى إلى كونها ضرورة علمية، وفي تالي الأمر تغدو= حقيقة حتمية فلن يعمل أحد بالوحي إلا في إطار حياته اليومية والتي تتصل بها كافة العلوم الإنسانية والاجتماعية المختلفة.
ولعل أسهل مثال يكشف تلك الضرورة التي تصل إلى الحتمية هو مثال الفقيه: فالفقيه حين يجتهد لواقعة في زمنه هو باحاجة إلى معرفة بالواقع ليتحقق بها من مناط الحكم، وهذا ما حمل خبير العلوم الاجتماعية : أبو بكر باقادر للتشديد في ذلك في محاضرته التي يشير فيها لحاجة الفقيه للعلوم الاجتماعية والتي حملت عنوان "حاجة طالب العلم الشرعي للعلوم الاجتماعية"([v]).
واليوم يكرر الباحثون الحديث عن تلك الأهمية للعلاقة بين الوحي والعلوم الإنسانية لعظيم أثرها حين تكون على منهج علمي أصيل ولهذا يقول الباحث ساري حنفي: "إن تحقيق التكامل بين العلوم الشرعية والعلوم الاجتماعية، وغيرها من العلوم، وردم الهوة ومد الجسور بين هذه العلوم هو موضوع هام للغاية... لكي تؤدي العلوم الاجتماعية دورها الرائد في حل المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية...الخ([vi])
وفي ذات السياق عبر الباحث الشهير الدكتور رشدي راشد بقوله: لابد أن يرتكز التوطين للعلوم على معرفة صحيحة بين العلم العربي الإسلامي القديم والعلم الحديث، وضرورة اعادة الاعتبار لدوره الرائد في صيرورة هذا الأخير([vii])
ومع مناداتنا لضرورة تأسيس العلاقة وأهمية ذلك فإن ذلك يتصل بقضية أهم هنا – أيضًا- وهي: أنّ أهل الوحي لا يكفيهم تنزيله على أنفسهم فحسب؛ لأنهم المكلفون بهداية العالمين. يقول محمد بلفقيه في كتابه العلوم الاجتماعية ومشكلة القيم تأصيل الصلة : إننا "بقدر ما نحن - معاشر المسلمين - في أمس الحاجة إلى علوم اجتماعية قيمة ندرس بها أحوالنا ونشخص بها أمراضنا... بقدر ما يجب علينا أيضًا استحضار مسؤوليتنا الشرعية إزاء غيرنا من البشر؛ حتى لا يقيموا علينا الحجة يوم يقوم الناس للحساب"([viii]).
التأريخ للاحساس بالقضية وانطلاق المشاريع
بدأ التفكير في البحث عن وجهة نظر إسلامية حول العلوم الاجتماعية من قبل مفكرين أتو من العلوم الاجتماعية منهم: الباكستاني أكبر أحمد، والإيرانيين: علي شريعتي ومرتضى مطهّري، والبريطانية الولشميرل واين دايفيس... فمثلا نادى أكبر أحمد بالانثروبولوجيا الإسلامية، باعتبارها تخصصًا يعنى بدراسة "الجماعات الإسلامية من قبل باحثين ملتزمين بمبادئ عالمية للإسلام.. ([ix]). تلا ذلك تأسيس جمعية العلماء الاجتماعيين المسلمين من قبل اتحاد الطبلة المسلمين بالولايات المتحدة وكندا 1972 كحدث هام ادت جهوده إلى تأسيس المعهد العالمي للفكر الإسلامي1981 بقيادة إسماعيل الفاروقي الذي عَرّف المهمة بأنّها: إعادة صياغة المعرفة على أساس من علاقة الإسلام بها، أي إعادة تحديد وترتيب المعلومات، وإعادة النظر في استنتاجات هذه المعلومات وترابطها، وإعادة تقويم النتائج، وإعادة تصور الأهداف، وأن يتم ذلك بطريقة تمكن من إغناء وخدمة قضية الإسلام... ووضع الفاروقي أهداف خطة العمل المتمثلة في الآتي:
أولا: إتقان العلوم الحديثة، ثانيًا: التمكين من التراث الإسلامي، ثالثًا: إقامة العلاقة المناسبة بين التصور الإسلامي وبين كل مجال من مجالات المعرفة الحديثة، رابعًا: الرابط الخلاق بين التراث الإسلامي والمعرفة الحديثة، خامسًا وأخيرا: الانطلاق بالفكر الإسلامي في المسار الذي يقوده إلى تحقيق سنن الله على أرضه([x]).
تدافع المناهج في تحرير الجواب
استطاعت العلوم الإنسانية الغربية بفضل الترجمة والتمكين لها في النسق المعرفي الأكاديمي أن تحتل درجة من الرسوخ والاحترام لدى المختصين الأمر الذي حملهم على الذب عنها والمنافحة عن مناهجها وعدم حاجتها لأي معرفة تتصل بها فتكونت جبهة عريضة من أعضاء هيئات التدريس من المسلمين تشبعت بمضامينها، وسعت بقوة إلى الدفاع عنها ونشرها بين الطلاب كمسلمات علمية لا يجوز عليها النقض([xi]).
وفي المقابل ذهب بعض الباحثين مثل أحمد خضر إلى عدم جدوى تأسيس العلاقة بين العلوم الإنسانية والوحي، وبالتحديد بين علم الاجتماع المعاصر وبين الوحي لهذا كتب كتابه الشهير: اعترافات علماء الاجتماع: عقم النظرية وقصور المنهج، في علم الاجتماع([xii]) والذي توصل فيه إلى عدم حاجتنا لعلم الاجتماع الغربي وبالتالي لا داعي للبحث عن علاقة بينه وبين الوحي، وأحدث الكتاب تفاعلاً نقديًا متباين الاتجاهات.
في الوقت الذي يرى رشدي راشد ضرورة بناء تلك العلاقة من خلال محورين: "معرفة صحيحة،واعادة الاعتبار للتراث الإسلامي في تلك المعرفة" بناء على أن البحث في إيجاد العلاقة بين الوحي والعلم الحديث ضرورة ولهذا قال: لابد أن يرتكز التوطين للعلوم على معرفة صحيحة بين العلم العربي الإسلامي القديم والعلم الحديث، وضرورة إعادة الاعتبار لدوره الرائد في صيرورة هذا الأخير([xiii]). وظاهر لك اختيار رشدي راشد لمصطلح "توطين المعرفة"
ويذهب فؤاد ابوحطب إلى أن الأصوب هو الانطلاق من مصطلح "التوجيه الإسلامي للمعرفة" ومفهوم الوجهة عنده عنده يقارب مفهوم "التفسير الإسلامي للمعرفة([xiv])
هذا علاوة على أن من الباحثين من اختار اتجاهًا آخر حيث يرون استعمال الاسم الصريح وهو تسمية العلم بـ"الإسلامي" مباشرة فنقول (علم النفس الإسلامي، أو علم الاجتماع الاسلامي...الخ) وهو اختيار إلياس با يونس وفريد أحمد من خلال عنوانهم: مقدمة في علم الاجتماع الإسلامي ، وأحمد المختاري في عنوانه: نحو علم اجتماع إسلامي، وفي حق علم النفس كان محمد عثمان نجاتي أول من استخدمه في كتاب له يحمل الاسم نفسه علم النفس الإسلامي([xv]).
وإن كان تبنى نجاتي هذا المصطلح كان من وقت مبكر 1948 عند نشره لكتابه الإدارك الحسي عند ابن سينا، ويشير يذكر بعض الباحثين أن الأهواني في 1981 تبنى نفس المصطلح في تقديمه لكتاب عبد الكريم العثمان الدراسات النفسية عند المسلمين([xvi])
وفي تالي الأمر نجد أنّ جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، تبنت في هذا الحراك مصطلحًا آخر هو "التأصيل الإسلامي..." ولهذا عنون صالح الصنيع من جامعة الإمام كتابه في علم النفس باسم "المدخل إلى التأصيل الإسلامي لعلم النفس([xvii])"
أما الراحل إسماعيل الفاروقي، فقد كان الاصطلاح الذي اختاره هو "إعادة الصياغة" عبر رسالته الشهيرة إعادة صياغة العلوم الاجتماعية. والتي كانت مع انطلاقة معهده "المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
ولو قيل إن شيخ الإسلام يقر مصطلح إعادة الصياغة لما أبعد النجعة لأنه يقول في شأن مشابه: "ولهذا تجد الذين اتصلت إليهم علوم الأوائل فصاغوها بالصيغة العربية بعقول المسلمين جاء فيها من الكمال والتحقيق والإحاطة والاختصار ما لا يوجد في كلام الأوائل وإن كان في هؤلاء المتأخرين من فيه نفاق وضلال لكن عادت عليهم في الجملة بركة ما بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوامع الكلم وما أوتيته أمته من العلم والبيان الذي لم يشركها فيه أحد"([xviii]).
اضطراب موقفنا من القضية:
يطالعنا الفيلسوف طه عبد الرحمن بتأريخ للسجال في العلاقة بين علوم الوحي والعلوم المعاصرة وأن ذلك بدأ منذ سبعينيات القرن الماضي بين مؤيدين للأصالة ومؤيدين للحداثة.. حتى أصبح بعض المعارضين يفرون من كل ماض ولو كان ماضيهم القريب([xix]) وفي الحقيقة إن تنامي هذا السجال العلمي بين التأصيل والأسلمة والرفض والقبول أثره الإيجابي في الإثراء، وربما لاحظ بعض النقاد أن لذلك أثرًا سلبيًا لأنه يزعزع القضية ذاتها قبل رسوخها "فأخطاؤنا نحن الذين نذرنا أنفسنا لحمل القضية والقيام على شأنها، هي من أشد المعوقات إضرارا بها ومن أبرز الأخطاء الذاتية التي يمكن أن نقع فيها وأهمها: عدم الوصول إلى رؤية مشتركة وقاعدة فكرية واحدة في المنطلقات والأهداف، وهو ما يؤدي إلى اختلاف الأطروحات في مبادئ القضية ومقاصدها من جانب القائمين عليها، وهو أمر يجب الوعي به وبحقيقته وحدوده؛ ذلك لأن الأطروحات المتناقضة والمختلفة في هذه المجالات، قد تعني عدم وضوح الفكرة بالشكل الكافي لدى أصحابها... وإذا كان تنوع الخطط، والوسائل الاجتهادية قد ينشأ عن تنوع القائمين على القضية وخلفياتهم الثقافية وتنوع أجهزتها إلى حد ما؛ فإن الاختلاف في المبادئ والمقاصد يؤدي إلى اهتزاز القضية قبل رسوخها والعجز عن توصيلها، وإثارة الاهتمام وروح التعاون لدى الآخرين([xx]).
الخيار هو الاتصال مهما تنوعت المناهج
مهما تنوعت التسميات، واختلفت المنهجيات نحو تأسيس الصلة بين العلوم الإنسانية والوحي يظل مجرد العمل على التأسيس مرتبة فضلى يتعالى منزلة عن جمودين الجمود على العلوم المترجمة من الشرق أو الغرب بغير تحرير وصلة لها بعلومنا الإسلامية المتعينة والجمود على النص التراثي بغير وعي لواقعية تنزيله.
وهذا لايعني أن علومنا الاجتماعية حينها ستكون إقليمية بل إن صلتها بالوحي يكسبها عالمية ليست لها اليوم فهي إن كانت أمريكية فلا تتجازها كونها أمريكية غير صالحة بغير تأصيل حتى للأوروبيين كما يقول هانز ايزينك في حق العلوم النفسية الأمريكية التي تدرس في أوروبا([xxi]).
إن العلوم الانسانية حين تتصل بالقرآن الكريم خطاب الله - تعالى – للعالمين، تكتسب العالمية لأن القرآن الكريم ليس لفصيل معين من البشر؛ ولهذا وجد العلماء أن لفظ "الإنسان" جاء في القرآن الكريم أكثر من (65) مرة، (9) مرات منها - فقط – في سور مدنية، والباقي كله مكي؛ وهذا يعني أن خطاب القرآن الكريم للإنسان - مطلق الإنسان -... وهذا يعطي انطباعاً للباحث أن القرآن مهتم على وجه الأصالة بمطلق الإنسان، بغض النظر عن موطنه أو لغته أو أي اعتبار آخر([xxii]).
بل إن من الباحثين من يرى استحالة انضباط تلك العلوم على نحو إنساني بحق بدون صلتها بالوحي، وفي هذا يقول محمد بلفقيه: "التجربة الغربية تؤكد لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو بصير، أنه يتعذر تأسيس علوم اجتماعية تخدم الإنسان حقًا دون إحياء المعنى القرآني للمجتمع. ولك أن تنظر إلى العلاقات الاجتماعية التي يستعرضها القرآن الكريم سورًا وآيات وتفصلها السيرة النبوية تفصيلاً دقيقًا لتعلم هول ما قد يصيب تلك العلاقات من ترهل وتفكك وتأزم إن هي نكرت ما فيها من قيم أو ناكرته([xxiii]).
خطط العمل المقترحة:
وحين نروم النزول الميداني لممارسة تأصيل الصلة بين العلوم الإنسانية والوحي وعلومه نجد أن الباحثين لهم في ذلك اجتهادات متنوعة منها الاتي:
نحا كمال عبد اللطيف في بحثه: تأصيل العلوم الإنسانية في الفكر العربي المعاصر الشروط المعرفية والتاريخية؛ نحو اختيار مسار ذي مراحل ثلاثة: الأولى: مرحلة استيعاب وتفهم انتاج الآخر، والمرحلة الثانية: العمل على نقد النتاج السابق، المرحلة الثالثة: انتاج علوم إنسانية جديدة تتوفق مع خصوصيتنا الحضارية، لكنه كما ترى قد جعل الانتاج الغربي هو الأصل الذي يُبنى عليه، والباحث أشار في بحثه لمسألة مهمة للغاية يقع فيها كثير من الباحثين العرب وهي: أن الباحثين الغربيين في الدراسات الإنسانية يرون "تنسيب" نتائج أبحاثهم وذلك بإخضاعها المتواصل للفحص وإعادة الفحص والمراقبة، في الوقت الذي نجد الباحثين في الدراسات الإنسانية في بلادنا يؤسطرون النظريات ويحولون نتائجها إلى نتائج مطلقة!!([xxiv]).
واقترح الباحث بلقاسم الغالي، في بحث له منشور بعنوان: محاولات في تأصيل علم الاجتماع، حيث توصل لمنهجية تتكون من الخطوات الآتية: الأولى: وضع القضية الاجتماعية في الإطار الإسلامي؛ باستجلاء الموقف من خلال كتب التراث، الثانية: التكامل مع علم الأصول([xxv]).
واتجه الباحث سمير أبو زيد صوب منهجية توفيقية تأخذ الخطوات الآتية: الأولى: إنشاء القضية الدينية والقضية العلمية، كل في مجالها بشكل كامل، الخطوة الثانية: الفصل بين القضيتين كل في مجالها، الثالثة: إنشاء علاقة رابطة بين القضيتين، وهو منهج مستقى من الإمام اللغوي عبد القاهر الجرجاني في اللغة ويسمي توجهه هذا بـ"الاتساق"([xxvi])
ويرى الاتصال محمود البستاني في كتابه الإسلام وعلم النفس، حيث يقول: نحاول تقديم وجهة النظر الإسلامية مقارنة بوجهة النظر الأرضية -أي وجهة نظر علماء النفس المنعزلين عن مبادئ السماء- بغية تحديد نقاط التلاقي بينهما في بعض الخطوط التي تومض بملاحظة صائبة أو تجربة محكمة ينتهي البحث الأرضي إليها..(غير أنه يضع قيد عدم لزوم التكلف في ايجاد تلك العلاقة فيقول) : والسر في عدم التزامنا بمناهج البحث الأرضي هو: أن البحث الأرضي منفصل عن المساء في تفسيره للعمليات النفسية وتنظيمها"([xxvii]).
وفي المقابل يرى جمال عطية الانفصال بين علم الاجتماع وعلوم الوحي حيث يرى: أن علم أصول الفقه قد وضع أصلا لضبط التكاليف الشرعية واستنباط الأحكام وليس لتفسير الظواهر الاجتماعية([xxviii]).
ولا ننسى كما أسلفنا أن من الباحثين من اختار الانفاصل الكامل بين العلوم الإنسانية والوحي ومن أمثلة من صرح به الباحثة الجزائرية وسيلة خراز في كتابها: الأيديولوجيا وعلم الاجتماع، جدلية الاتصال والانفصال، غير أنها ترى أن الأصل هو الانفصال([xxix]). وعلى نحو أكثر حدة في الانفصال مثل طه عبد الرحمن بمن اختار القطيعة العلمية مع الوحي وعلومه في هذا الصدد بزكي نجيب محمود، وعبد الله العروي، بل إن طه عبد الرحمن في كتابه "تجديد المنهج" و كتابه "روح الحداثة" وكتابه "بؤس الدهرانية، اهتم كثيرًا بنقد تلك الطروحات التي تنبني على القطيعة مع التراث وتسعى لقطع الجسور بين ماض الأمة وحاضرها([xxx])
ومن هنا يمكن للباحث وضع مقترح لمنهجية الصلة تلك تفيد من كافة ماسبق محاولة البناء عليه وتتلخص المنهجية في المراحل الآتية:
المرحلة الأولى: تحرير المفاهيم والمصطلحات:
تأسيس العلاقة بين العلوم لابد أن تتم من المفاتح الأولية، ولا مفاتح أولى من المفاهيم المؤسسة لتلك العلوم، ولهذا تكون المصطلحات والمفاهيم أول أصل لتأسيس العلاقة بين العلوم الإنسانية والوحي وعلومه.
وحين ندلف لعلم النفس من خلال تحرير مفهوم "النفس" في القرآن الوحي، وندلف لعلم الاجتماع من تحرير مفهوم "الاجتماع" في الوحي، وندلف لعلم التربية من مفهوم "التزكية" في الوحي حينها نكون قد قسنا المسألة بأدواتها ودخلنا البيوت من أبوابها. وهذا يجعلنا على قدر كاف من تحديد (بوابات) -إن صح التعبير- نقاط الاتصال والفرص الجوهرية لبناء العلاقة وتأصيل الصلة بين العلوم الإنسانية والوحي.
المرحلة الثانية: تحرير المصالح والمقاصد
إن العلوم كافة تجيء لأجل تحقيق مصالح الإنسان ولهذا سميت علومًا إنسانية لمباشرتها وصلتها بالإنسان، ولا يضمن مصالح الإنسان ومقاصده أكثر من الوحي الذي نزل من السماء إلى الأرض لأجل هذا الإنسان أول مرة. وحين نحرر المقاصد التفصيلية الجزئية مرتبطة بالمقاصد الخاصة بالفن نفسا واجتماعا وتربية على سبيل المثال مجسرين بينها وبين أصلها في المقاصد الكلية الكبرى نكون قد ربطنا المباحث التفصيلية الصغيرة للعلم بأصلها الكلي المقاصدي العام، وحين نفعل ذلك نكون أكثر رسوخًا في رؤيتنا نحو تلك المباحث الأمر الذي يجعلنا أكثر قدرةً وأجرأةً على بناء الصلة والتثاقف مع الآخر.
المرحلة الثالثة: التثاقف والاتصال
بعد أن نتعرف على ذاتنا العلمية في العلوم الإنسانية نكون على قدر يؤهلنا للصلة بالآخر بكفاءة عالية بحيث نحسن بناء الصلة ونتثاقف فنأخذ ونعطي وعن مثل هذا يقول المسيري - رحمه الله -: "النسق الحضاري للمسلمين مطالب بالانفتاح على العالم بمختلف تجاربه ورؤاه، وليس على العالم الغربي فحسب، يمكن أن يسعفنا في أن نستوعب وندرك ونرى الحقيقة الإنسانية في غناها وتعددها، هكذا يبدو الغرب نسبياً، وليس مطلقاً نتعلم منه ونتفاعل معه بإرادتنا وبكامل وعينا وخصوصيتنا"!([xxxi]).
المرحلة الرابعة: وضع النظريات والقواعد المرجعية
في هذه المرحلة نكون قادرين بفضل ماتوفر لدينا من رؤية كلية شاملة من وضع الأصول الكلية للعلم، وقواعده الكلية بل ونظرياته العامة مستعينين في ذلك بعدد من العلوم الإسلامية، مثل: علوم اللغة العربية، وعلم أصول الفقه، وعلم المقاصد، وعلم السنن الإلهية، وغيرها من العلوم ذات الصلة، وتكتمل صورة الموقف حين نشفع ذلك بتقديم رؤية نقدية تجمع منجزات المدارس الغربية في تلك العلوم الإنسانية المعاصرة لتكون مواقفنا كلها مبنية على بصيرة عرفت ما تأخذ وما تترك وفق قوانين علمية لا اختيارات انتقائية أو اعتباطية.
المرحلة الخامسة: تطوير الدراسات الميدانية:
حين ننتهي من بناء الرؤى والنظريات وتحرير قواعدنا الكلية المرجعية ونكون قد أنجزتنا فلسفتنا المبنية على الوحي وعلومه مع الانفتاح على الانتاج الغربي وغيره في العلوم الإنسانية، حينها لابد من تطوير عملنا الميداني، وفتح المعامل العملية والمراصد المتخصصة لتطوير التطبيقات وبناء المناهج ودراسة أوضاعنا النفسية والاجتماعية والتربوية بأدوات تدخلنا في محتواها وأغراضها وتحرير أسئلتها وتساؤلاتها([xxxii]).
نماذج وتطبيقات المشروع
بقي أن أشير هنا إلى نماذج لدراسات ذات طابع تطبيقي عال لإيجاد العلاقة بين العلوم الإنسانية والوحي وعلومه:
المثال الأول: كتاب نظرية الأهلية، دراسة تحليلية مقارنة بين الفقه وعلم النفس، للباحثة الجزائرية هدى محمد حسن هلال، حيث ظهر لدى الباحثة تمكنًا من الفقه الإسلامي ومصادره، وتمكنًا من علم النفس ونظرياته ذات العلاقة بنظرية الأهلية، فجاء عملها غاية في النضج في صناعة علاقة منهجية متميزة في تأثير الأهلية في النظر إلى علم نفس النمو على وجه التحديد.
المثال الثاني: كتاب العلوم الاجتماعية ومشكلة القيم تأصيل الصلة لمحمد بلفقيه وقد جاء على نحو شمولي بالغ القوة في تحرير أبعاد القيم في العلوم الاجتماعية الغربية وتوصل لنتائج حاسمة أوردنا هنا بعضا منها، ولامس مباحث تاريخية وأخرى موضوعية أظهرت تمكنه من علوم الوحي والعلوم الاجتماعية بكفاءة عالية سهلت عليه تحديد نقاط الصلة وحساسية التواصل.
المثالث الثالث: الوحي والوعي قراءة في جوهر الصلة لخالد العماري وهو بحث جرئ خاض فيه الباحث مفهوم الوعي في القرآن الكريم والحديث الشريف على نحو أعاد فتح مسائل بالغة الحسايسة في العلاقة بين العقل والنقل والوحي والوعي ولامس نقاط جوهر الصلة بين نص الوحي والفهوم البشرية.
وبالجملة الكتب التأسيسية التي تحاكي المنظور الإسلامي بحسب صلاح الخليفة أحمد الحسن في علم الاجتماع هي: محمد المبارك في كتابه نحو صياغة إسلامية لعلم الاجتماع ، وبشارات علي في كتابه الفلسفة الاجتماعية الإسلامية ، وعلي شريعتي في كتابه المفكر ومسؤوليته في المجتمع، ومصطفى محمد حسنين في كتابه المدخل إلى المدرسة الإسلامية في علم الاجتماع ، وإلياس با يونس وفريد أحمد في كتابهما مقدمة في علم الاجتماع الإسلامي، وأحمد المختاري في كتابه نحو علم اجتماع إسلامي، ومحمد محمد إمزيان في كتابه منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية والمعيارية، ومنصور زويد المطيري في كتابه الصياغة الإسلامية لعلم الاجتماع: الدواعي والإمكان ، وعبد اللاوي محمد في كتابه إشكالية العلوم الاجتماعية في العالم الإسلامي: وضعيتها وآفاقها، والتيجاني مصطفى محمد صالح في كتابه لماذا الصياغة الإسلامية لعلم الاجتماع ، وطارق الصادق عبد السلام في كتابه الضبط الاجتماعي في الإسلام.
الخاتمة
بعد هذه التطوافة التي سعيت فيها لتقديم مقاربة مفتاحية حول قضية الصِّلة بين العلوم الإنسانية والوحي تبين لنا حساسية الموضوع مع أهميته مع استحقاقه لكل الجدل العلمي الذي دار ويدور فيه في الدوائر العلمية والبحثية وردهات قاعات المؤتمرات.
وربما رأى القارئ الكريم اتجاه المقاربة نحو ضرورة بناء هذه الصلة وفق منهجية علمية تمنحنا استقلالنا لكنها تصلنا أيضا بانتاج البشرية بعد تبيننا لرؤيتنا الخاصة والمتعينة في العلوم الإنسانية والمبنية على نصوص الوحي ومقاصد الشريعة، والتي تستفيد وتوظف فيما بعد كل ما تتصل به مما هو صالح للتوظيف باعتبارنا أمة لها استقلالها الوجودي وتقيم الجمارك الحضارية بينها وبين انتاج الآخر وهي تتصل به، بطريقة منهجية لا عوج فيها ولا أمت.. بل قصد وسط، بين فرث ودم خالصة من كل شوائب الاستلاب أو معايب الجمود!
والله أعلم إسناد العلم له أسلم.
([i]) العلوم الاجتماعية ومشكلة القيم تأصيل الصلة، محمد بلفقيه، دار نشر المعرفة، 2007، الرباط المغرب،ص29 ([ii]) انظر: حوار مع الدكتور عبد الوهاب المسيري في مجلة الإحياء الرابطة المحمدية للعلماء المغرب، العدد 28، 1427هـ (ص57)، وانظر فلسفة المشترك الإنساني أحمد الفرك، أفريقيا الشرق 2016 (ص57). ([iii]) المسيري، عبد الوهاب، 1415هـ، إشكالية التحيز، المعهد العالمي للفكر الإسلامي ونقابة المهندسين، القاهرة مصر، ص110 ([iv]) انظر: كيف تستفيد علوم الوحي من اليقظة الابستمو لوجية المعاصرة، عبد الرزاق بلعقوز، دورية نماء، السنة الأولى، العدد22017، ص9. ([v]) انظر: محاضرة ضمن منتدى الفكر الإسلامي، لمجمع الفقه الإسلامي بجدة، http://www.iifa-aifi.org/wp-content/uploads/2015/02/2-1.pdf، ومن الطريف اللافت تعليق معالي الشيخ عبد الله بن بيه حيث قال: نحن بحاجة إلى نحل ولسنا بحاجة إلى نمل، لأن النملة تجمع ماتقتات به وتدخره، وبالتالي هي تنفق مما تجد فقط، يعني عالم الاجتماع يأخذ من الآخرين ثم ينفق، والنحلة هي التي تجمع الرحيق من كل الأزهار، ثم في النهاية تركب أي تعيد تركيب هذا الرحيق وتذيبه وتحوله إلى مادة أخرى جيدة تفيد المجتمع. ([vi]) أسلمة وتأصيل العلوم الاجتماعية، دراسة في بعض الاشكاليات، ساري حنفي،مجلة المستقبل العربي العدد451 2016، ص62 ([vii]) مقال: الوطن العربي وتوطين العلم، لرشدي راشد، مجلة المستقبل العربي السنة31، العدد354، اغسطس2008، ص6 ([viii]) العلوم الاجتماعية ومشكلة القيم تأصيل الصلة، محمد بلفقيه، دار نشر المعرفة، 2007، الرباط المغرب، (ص 170). ([ix]) ساري حنفي ([x]) أسلمة المعرفة: المبادئ العامة وخطة العمل، إسماعيل راجي الفاروقي، درا البحوث العلمية، الكويت1983. ([xi]) انظر: مقالة وجهة نظر: حول ظاهرة أسلمة علم الاجتماع صلاح الخليفة أحمد الحسن، مجلة البيان السنة16، العدد164، يوليو 2001،ص131، ([xii]) انظر: نشره المنتدى الإسلامي، بريطانيا،2010 ([xiii]) مقال: الوطن العربي وتوطين العلم، لرشدي راشد، مجلة المستقبل العربي السنة31، العدد354، اغسطس2008، ص6 ([xiv]) انظر ساري حنفي ص50 ([xv]) علم النفس الإسلامي، عثمان نجاتي، دار الشروق 2001 ([xvi]) https://www.alukah.net/culture/0/380/ ([xvii]) المدخل إلى التأصيل الإسلامي، صالح الصنيع، مكتبة الرشد، اللرياض السعودية 2007 ([xviii]) مجموع الفتاوى (9/ 26) ([xix]) روح الحداث، طه عبد الرحمن، المركز الثقافي العربي، بيروت لبنان،2009، ص175 ([xx]) إصلاح الفكر الإسلامي بين القدرات والعقبات، طه جابر العلواني، ، ص 71- 72. ([xxi]) انظر: دعه فإنه مراهق، لراقمه2011، هانز ايزنك كان ينعى على الأوروبيين تدريسهم لكتب علم النفس الأمريكي بغير تأصيل وتكييف لتتناسب مع البيئة الأوروبية، وبهذا نرى أن عملية التأصيل التي تسعى للملاءمة بين العلوم المستورة والبيئة شأن إنساني تمارسه كافة الثقافات فيما بينها، بل هو تواصل حضاري ضروري للنماء الطبيعي للإنسان. فالقطيعة كاسمها لا تحمل نموًا بل انقطاعًا عن النمو-والله أعلم-. ([xxii]) انظر: الإنسان في القرآن، دراسة فلسفية مقارنة، لأحمد بوعود، من منشورات وزارة الثقافة المغربية، 2014، (ص8). ([xxiii]) العلوم الاجتماعية ومشكلة القيم تأصيل الصلة، محمد بلفقيه، دار نشر المعرفة، 2007، الرباط المغرب،ص320 ([xxiv]) تأصيل العلوم الإنسانية في الفكر العربي المعاصر الشروط المعرفية والتاريخية، كمال عبد اللطيف، مجلة أنفاس ابريل 2007، https://anfasse.org/leopardwood/likelihead/509_21166.xhtml ([xxv]) أنظر: المقال ضمن مجلة شؤون اجتماعية (جمعية الاجتماعيين، الإمارات) العدد63، 1999م، ص9-41 ([xxvi]) أنظر: العلم بين النظرة العربية إلى العالم؛ التجربة العربية والتأسيس العلمي للنهضة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت لبنان2009 ([xxvii]) أنظر: الإسلام وعلم النفس، لمحمود البستاني، مجمع البحوث الإسلامية، بيروت لبنان1992، ص8 ([xxviii]) المصدر السابق ([xxix]) أنظر: الأيدلوجيا وعلم الاجتماع جدلية الاتصال والانفصال، بيروت لبنان، منتدى المعارف2016 ص269 ([xxx]) أنظر: التراث عند طه عبد الرحمن، المؤسسة العربية للفكر والإبداع، لأحمد كروم، 2018، ص17 ([xxxi]) أنظر: حوار مع الدكتور عبد الوهاب المسيري في مجلة الإحياء الرابطة المحمدية للعلماء المغرب، العدد28، 1427هـ، ص57، وانظر فلسفة المشترك الإنساني أحمد الفرك، أفريقيا الشرق 2016، ص57 ([xxxii]) أنظر: كل نفس، المصطلح النفسي والقرآن الكريم من التأسيس للعلاقة إلى التأثير في الممارسة، ،2019،ص52
Comments